ارتفاع أسعار الشحن من الصين والتوجه إلى تركيا

ارتفاع أسعار الشحن من الصين والتوجه إلى تركيا
جدول المحتويات

ما هي أسباب ارتفاع أسعار الشحن من الصين؟

كان لمجموع الأزمات العالمية القريبة التي عصفت بالعالم أجمع، بدءاً من تفشي جائحة كورونا وما تلاها من موجة إغلاقات غير مسبوقة، وليس انتهاءً بالتضخم الاقتصادي الذي يعصف اليوم حتى بأغنى دول العالم... كان لهذه الأزمات المتتالية أثر رجعي أدى لحدوث خلل في سلاسل التوريد والإمداد، متمثلاً في:

  1. اختلال التوازن بين العرض والطلب على حاويات (كونتينرات) الشحن الفارغة من جهة، وعلى مساحات التحميل في سفن الشحن.
  2. الزيادة على طلبات البضائع وشحنها، وتواتر عمليات الشراء عبر الانترنت من جميع أنحاء العالم، وخاصة أوروبا وأمريكا، مما أدى إلى ازدياد كميات الشحن المتوجهة من الصين إلى هذه الدول بشكل غير مسبوق.
  3. انخفاض العرض من قِبل شركات الشحن بسبب زيادة الطلب العالمي.

وهو ما كان سبباً رئيساً في تضاعف و ارتفاع أسعار الشحن البحري من الصين إلى كافة أرجاء العالم، والتي ما زالت حتى اللحظة في تصاعد مطرد ومستمر.

كيف أثرت زيادة أسعار الشحن من الصين على أسعار السلع؟

ضمن سلسلة مطردة من الحلقات المتفككة، كان من الطبيعي أن يؤدي اختلال سلاسل التوريد في العالم، إلى نتيجة من عدم استقرار في تلبية حاجة السوق بالمنتجات الضرورية، وذات الطلب المتزايد، وهو ما حدا بارتدادات سلبية على الأسواق العالمية، نتيجة احتكار بعض المواد في الأسواق نظراً لنُدرتها، وتوقف الواردات اللازمة لتلبية حاجات السوق، والتي بدورها سجلت تراجعاً كبيراً للأسباب آنفة الذكر في الفقرة السابقة.

ولعلنا لا نجازف بالقول إن وجهنا باللائمة، ولو جزئياً، في مشكلة التضخم العالمية في أغلب بلدان العالم إلى سبب ارتفاع سعر الشحن من الصين وغيرها، والتي أرهقت الأسواق والمستهلكين على حد سواء، فللسلع تكلفتها الحقيقية يُزاد عليها أسعار الشحن المتضاعفة بشكل غير منطقي، ثم يزاد عليها تكاليفها الإضافية وجشع المحتكرين قبل أن تنتهي رحلتها إلى أيدي المستهلكين.

كيف أثرت الزيادة في أسعار الشحن على المستوردين؟

على الرغم من منافسة المنتجات الصينية لأسعار منتجات الدول الأخرى، إلا أن تضاعف أسعار الشحن زاد من قيمة البضاعة على المستهلك والمستورد بشكل كبير، مما اضطر المستوردين من الصين للبحث عن بدائل أخرى تلبي حاجاتهم.

حيث كان من الحتمي أن تؤثر زيادة أسعار الشحن على المستوردين، بل أن تكون سبباً في تغيير توجهاتهم من أسواق التوريد المعتادة إلى وجهات جديدة، حيث دارت رحى الطلب على البضائع دورتها، وصار التفكير بمصادر أخرى للبضائع ذاتها أمراً ملحّاً للغاية.

وبالواقع كان لهذا الأمر حساباته الأخرى في أسواق التجارة العالمية، فكان من الطبيعي أن تحظى به بعض البلدان البعيدة عن بؤرة الضغط وذات الاستعدادات المسبقة بالمنتجات ذات الجودة العالية، وهو ما آلت إليه الأمور بطبيعة الحال.

لماذا زاد الطلب على السلع التركية بعد ارتفاع سعر الشحن من الصين؟

لم يكن سوق الإنتاج التركي وليد الساعة، ولا يمكن اختصار مكانته العريقة بكلمات، فها هي المنتجات التركية تغزو أغلب دول الاتحاد الأوروبي بأنواعها الكثيرة ذات الجودة العالية، وخاصة في قطاع الكهربائيات والسيارات وكثير من المنتجات الأولية.

فمن المعلوم أنه شهدت الأعوام الأخيرة واقعاً جديداً في زيادة الارتباط والتبادل التجاري بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، وعلى سبيل المثال بريطانيا التي أبرمت خلال العام المنصرم مجموعة اتفاقيات مع تركيا حول دعم جسور الإمداد بالبضائع التركية. ناهيك عن موقع تركيا المميز على أبواب أوروبا وروسيا والدول الشرقية، بل وارتباطها بحدود بريّة معها.

ارتفاع اسعار الشحن من الصين

هل تعتبر تركيا خياراً بديلاً ومميزاً عن السلع الصينية؟ وكيف يكون ذلك؟

للحكم بموضوعية حول هذه النقطة بالذات، لا بد من نظرة شمولية وتحليلية على مميزات المنتج التركي بحدّ ذاته، وخواص تركيا التي تميزها عن الصين فيما يتعلق بسوق الإنتاج... ولعل من المفيد أن نقتصر البحث حول نقطتين رئيستين منهما تتفرع مجموعة من النقاط:

أولاً: نوعية المنتج:

باتت تركيا منافساً قوياً لكبار المنتجين العالميين، كالصين وأوروبا، في كثير من المنتجات التي استحوذت على رضى الأسواق العالمية، فاليد العاملة والمنتجات التركية لا تقلُّ مهارة وجودة عن غيرها، بل تفوقها في كثير من الأحيان.

ثانياً: ميزات الموقع:

لموقع تركيا الجغرافي وتنوعها المناخي ميزات لا تخفى، وخاصة أنها تقع في حاضنة من الأقاليم المتعطشة لمنتجاتها المتنوعة، سواء الزراعية منها أو الصناعية. وفوق ذلك تحكُّم تركيا بالعديد من الممرات البحرية التي تفصل بين المياه الدافئة والباردة، ما بين البحر الأبيض المتوسط ودول حوض البحر الأسود.

كما كان لموقع تركيا الاستراتيجي بين قارتَي أوروبا وآسيا دوراً في تخفيف آثار ارتفاع أسعار الشحن بشكل ملحوظ ومنافس لغيره، وهو ما دفع بالمنتجات التركية في ميدان المنافسة مع المنتجات الصينية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وقارة أوروبا، حيث تكون أسعار الشحن من تركيا رخيصة ومقبولة.

إقرأ أيضاً: ما هي أفضل المنتجات للاستيراد من تركيا؟

هل تستطيع تركيا تغطية الطلب الكبير للمستوردين؟

أثبت سوق الإنتاج التركي حيويته وديناميكيته في كثير من المواقف، ومبرّزاً بالمنتجات الصناعية والغذائية والتحويلية، ضمن خطوات ثابتة مضت فيها الحكومة التركية في سبيل دعم الإنتاج عبر تسهيلات كبيرة للمستثمرين والمستوردين على حد سواء. ويتلخص ذلك باعتماد كبرى شركات صناعة السيارات على قطع السيارات المصنَّعة في تركيا، أو حتى في إنشاء مصانع كاملة لها على أراضيها، كما احتلت المنتجات المنزلية التركية (مثل ماركة بيكو) على المرتبة الثانية في أوروبا من حيث المبيعات.

ولكن افتقار سوق الإنتاج التركي في بعض الأحيان إلى المواد الأولية كان من طبيعته أن يؤثر في رفع كلفة الإنتاج على المنتجين في بعض الأصناف، ولكن الوضع الراهن المتمثل بزيادة تكاليف الشحن على المستوردين جعل من معادلة الحصول على البضاعة من تركيا بتكلفة شحن أقل، هو خيار مفضل على غيره بكل تأكيد.

أسعار الشحن في تركيا مقارنةً بالصين

وبالانتقال إلى المقارنة بين أسعار وتكاليف الشحن ما قبل أزمة كورونا وما بعدها، نجد من الجيد ضرب عدد من الأمثلة التي توضح حجم الهوَّة التي ألمَّت بأسعار الشحن على مستوى العالم، وخاصة بعد ارتفاع متوسط سعر الشحن العالمي بأكثر من 100% خلال عام 2021، فعلى سبيل المثال:

  • ارتفع سعر شحن الكونتينر الواحد من حجم 40 قدماً من الصين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليبلغ أكثر من 20 ألف دولار، وهو رقم قياسي بكل ما تعنيه الكلمة، وخاصة إذا علمت أن سعر شحن الكونتينر ذاته كان قبل أزمة كورونا بحدود 4000 دولار أمريكي فقط.

ارتفاع اسعار الشحن البحري من الصين

  • كما سُجل ارتفاع أسعار شحن الحاويات من الصين إلى بريطانيا من 2500 دولار إلى 18000 دولار خلال عام 2021 (بحسب تجربة أحد عملائنا البريطانيين).
  • وارتفع سعر شحن الكونتينر ما بين الصين ودولة مصر من 3000 دولار إلى 15000 دولار خلال عام 2021 (بحسب تجربة أحد عملائنا المصريين).

بينما جاءت المقارنة لتكلفة شحن الكونتينر الواحد من قياس 40 قدماً ما بين الصين وتركيا من جهة، وبعض الدول العالمية من جهة أخرى، على الشكل التالي:

كلفة شحن حاوية 40 قدم

من الصين

من تركيا

إلى أمريكا

20.000 دولار

6.200 دولار

إلى مصر

15.000 دولار

1.450 دولاراً

إلى بريطانيا

18.000 دولار

1.720 دولاراً

 

إقرأ بعضاً من أهم مقالاتنا أيضاً:

 

تحرير: تبادل للتجارة الدولية©

facebook twitter whatsapp

موارد تبادل